مأساة أهل السنة في العراق
صفحة 1 من اصل 1
مأساة أهل السنة في العراق
موسوعة الرشيد/ خاص
د. مجيد الخليفة
يذكر المؤرخون أن نشأة الدولة الصفوية في إيران يعد الأكثر دموية في تاريخ نشوء الدول ، إذ سيطر التعصب والقتل على نشوء هذه الدولة ، بل أصبح سمتاً لها عبر تاريخها الطويل ، وقد ارتبط ذلك باسم مؤسسها الشاه إسماعيل بن حيدر بن جنيد الصفوي ( 1600 – 1620م ) ، الذي يدعي اتباعه أنه يعود بنسبه إلى موسى الكاظم ، وكان إمامياً متعصباً ، شبهه البعض بهولاكو لكثرة من قتل من الناس ، ويذكر المؤرخون أنه اسماعيل أعدم عشرة الآف في مرة واحدة من السنة في مدينة تبريز ، نظراً لأنهم لم يتبعوا مذهبه وعارضوه في ذلك.
وهناك قصة واقعية يذكرها القاري ، وكان يؤمئذ في مدينة هراة ، توضح تعصب الصفويين عبر تاريخهم الطويل ، وكان علي بن سلطان القاري ( ت 1014هـ ) شاهد عيان عليها ، إذ يذكر أنه شاهد بأم عينه شيخه سيف الدين التفتازاني المعروف بالحفيد ، وقد جائتهم رسالة من الشاه إسماعيل الصفوي تأمر الأئمة والخطباء بسب الصحابة وخاصة الخلفاء الثلاثة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم على المنابر ، فلما وصل حفيد التفتازاني لمكان السب تركه وانتقل إلى غيره ، قال القاري وكان حاضراً في ذلك الوقت : (( فتعصب كلاب الصفوية لهذا السبب ، وقالوا : تركت المقصود الأعظم والمطلوب الأفخم ، فأعد الكلام لتكون على وجه التمام ، وتوقف الخطيب في ذلك المقام ، فأبى عن السب وصمم على اختيار العزيمة على الرخصة الذميمة ، فنزلوه وقتلوه وحرقوه )) .
هذه قصة من مئات القصص التي تركها الصفويون في تاريخهم الأسود ، وليس هناك علم عند كثير من المسلمين عن نشأة هذه الدولة ، وأنها قامت على جماجم الناس ، بل يمكن القول أن مجازر هذه الدولة في إيران خلال القرن العاشر الهجري / السابع عشر الميلادي تكاد تضاهي مجاز التتار عبر تاريخهم الطويل ، والسياسة التي تتبعها ما تسمى بـ ( الجمهورية الإسلامية في إيران ) هي السياسية نفسها التي اتبعها أسلافهم في عهد الصفويين ، فلا يسمح ببناء أي مسجد للسنة في إيران ، وقد قتل أكثر علماء أهل السنة فيها منذ قيام الصفويين الجدد فيها قبل أكثر من خمس وعشرين عاماً .
ولكن ما علاقة كل هذا التاريخ الطويل بما يحدث في العراق الآن ؟
إن الذي يحدث في العراق الآن هو مجازر جديدة شبيه تماماً بمجازر الصفويين في إيران قبل أربعة قرون ، فالتاريخ الآن يعيد نفسه في العراق ، إذ لا يخفى على أحد القتل المنظم الذي يقوم به الصفويون الجدد لأهل السنة ، وهناك عشرات القصص التي تصل إلى مسامعنا يومياً عن القتل والدمار الذي يحيق بأهل السنة ، وتحت مرأى ومسمع العالم كله مسلمهم وكافرهم ، فقد سيطرت العصابات الصفوية التي كانت إيران تعدها لهذه المهمة منذ أكثر من عشرين عاماً على قطاعات الجيش والشرطة في العراق ، بل لا أعلم أن هناك رجلاً من أهل السنة مجاهراً بعقيدته يستطيع الانتماء لهذا السلك ، بعد أن أحكم الروافض سيطرتهم على مداخل التجنيد فيه ، وقد كانت خطة الإيرانية الصفوية تتمثل بثلاث مراحل :
المرحلة الأولى :
دعت المرجعيات الدينية الشيعية أتبعها إلى التعاون التام والكامل مع القوات الأمريكية والبريطانية الغازية لبلاد الرافدين ، وأصدر كبيرهم السستاني فتواه المشهورة بعدم مقاتلة هذه القوات ، واعتبارها قوات صديقة ، وبذلك حصل حلف خفي بين الصلبيين والصفويين ، شبيه بالحلف نفسه الذي قام قبل أربعة قرون ضد الدولة العثمانية بعد أن وصلت قواتها إلى فينا ، فأرادت أوروبا أن تفتح جبهة جديدة ضد العثمانيين ، فلم تجد أفضل من الصفويين ، فزودتهم بالمال والسلاح ، وقامت الدولة الصفوية بطعن الدولة العثمانية بالظهر ، فاضطرت الأخيرة إلى أن تسحب قواتها من الجبهة الأوربية وتقاتل الصفويين ، والذي يحدث في العراق الآن هو الشيء نفسه ، تحالف صفوي صليبي من أجل كسر شوكة أهل السنة في العراق .
المرحلة الثانية :
وفيها قام الصفويون الجدد بالسيطرة على مفاصل الحياة السياسية والإدارية في الوزارات العراقية ، خاصة المراكز ذات السيادة ، فسيطروا على أجهزة الشرطة والجيش ، ووسائل الإعلام ، والتربية والتعليم ، والمجالس المحلية ، وأهم من ذلك كله السيطرة على المنشآت النفطية ، والقيام ببيع النفط بصورة مباشرة عن طريق إيران من أجل تغطية النفقات لهذه المرحلة والمرحلة القادمة الأكثر أهمية .
المرحلة الثالثة :
وهي مرحلة القتل والتهجير ، يقول عبد العزيز الحكيم رئيس ما يسـمى ( بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ) ، أننا نعطي لأهل السنة في العراق ثلاثة خيارات لا رابع لها : أما أن يتشيعوا ، أو يخرجوا من العراق أو يقتلوا ، وقد قامات العصابات الإجرامية بعمليات قتل منظمة للمناطق المختلطة والتي يشكل فيها أهل السنة أقلية خاصة محافظات الجنوب ، ثم انتقل الأمر إلى بغداد ، ويقدر عدد من قتل من أهل السنة في العراق بأكثر من نصف مليون إنسان .
وعلينا أن نعلم أن وراء هذه العصابات الصفوية التي تتخذ الشرطة والجيش غطاء لها ، أن ورائها دولتين رئيسيتين ، الأولى هي إيران التي مازلت تتحسر على هزيمتهم المرة في القادسية وتريد الانتقام من كل ما هو مسلم ، وتعد حدود العراق مع إيران ممر مفتوح بكل إمكانياته لدعم عملائها في العراق وتزويدهم بالسلاح والعتاد ، وتزويدهم بكل ما يحتاجون إليه من أجهزة اتصال ودعم ، أما الدولة الأخرى التي تقف خلفها فهي أمريكا بكل قوتها ، فهي تقف خلف هذه العصابات الصفوية وتوفر لها الدعم اللوجستي في عميلات القتل.
فعندما تخرج هذه العصابات لأي بلدة أو حي سني ، ويتصدى لها الأهلي بما يملكون من إمكانيات متواضعة للدفاع عن أنفسهم ، تقوم هذه العصابات بالاستنجاد بالقوات الأمريكية التي ترسل الطائرات المقاتلة لقصف أحياء أهل السنة وتهديم الرؤوس على ساكنيها ، والأمريكيون يعلمون حقيقة ما يجري بكل تفاصيله ، ولكنهم يريدون الخروج من المستنقع العراقي بأي وسيلة ، حتى لو كان ذلك بالتحالف مع العصابات الصفوية لقتل أهل السنة .
إن ما يجري في العراق الآن هو تصفية عرقية لأهل السنة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، والتشابه قد حصل بالقتل والتنكيل أيضاً ، فمثلما حدث لحفيد التفتازاني قبل أربعة قرون على يد عصابات الصفويين ، حدث الشيء نفسه للشيخ علي الجبوري الذي اعتقلته عصابت الصفويين ( المسماة بالداخلية من قبل الحكومة ) من مسجده ومن المنبر الذي كان يخطب عليه ، فقتلوه وحرقوه ومثلوا به ، رحمه الله تعالى ، فقد أخذ بالعزيمة على الرخصة الذميمة ومثل هذه القصص العشرات التي يعرفها اهلنا.
ولا يعتقد أحد أن هذا قتل عشوائي ، وإنما هو قتل منظم لكل أصحاب الكفاءات والعلماء من أهل السنة في العراق ، وطريقة القتل هي طريقة واحدة ، شبيه بطريقة قتل الصفويين القدامى ، إذ يعيد الصفويون الجدد تمثيلها بالأدوار نفسها في العراق ، تحت مرأى ومسمع العالم كله ، فهم يسملون العيون ويحرقون الجثث ويثقبون الأجساد ويقلعون الأظافر ، ويفعلون ما تعجز الكلمات عن وصفه ، والمحزن في الأمر حقاً أن أهل السنة بالعراق لا بواكي لهم ولا داعم لهم ، فالحدود أمامهم مغلقة ، وترفض الدول العربية استقبالهم قبل الدول الأجنبية ، ولسان حالهم يقول :
( الموت من خلفكم والعدو أمامكم وليس لكم إلا الجهاد والصبر ) ومن المفارقات بالأمر أن أكبر دولة إسلامية سنية تحيط بالعراق من جهة الغرب تنوي أن تبني سياجاً بتكلفة 15 مليار لحماية حدودها ، فيا سبحان الله من يحمي سنة العراق ، أولم يتفكروا بقوله تعالى : ( وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ) ، واليوم سنة العراق وغدا سيصل القتل إليهم ، وانظروا إلى موقف إيران لشيعتها ، فهل سيتحول العراق إلى دولة صفوية جديدة ، بعد أن قتل من أهله من قتل وهجر من هجر ، ندعو الله تعالى أن لا يكون ذلك ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
مواضيع مماثلة
» إهداء لإخواننا أهل السنة في العراق
» وجوب نصرة أهل السنة في العراق (حقائق خطيرة)
» ما احوجنا لتصحيح نياتنا يا سنة العراق
» اصل وراء التفجيرات التي في العراق تحذيرات فديو مع بشرات
» الرسالة الشافية بإذن الله إلى إخواننا المسلمين في العراق وارض الكنانة
» وجوب نصرة أهل السنة في العراق (حقائق خطيرة)
» ما احوجنا لتصحيح نياتنا يا سنة العراق
» اصل وراء التفجيرات التي في العراق تحذيرات فديو مع بشرات
» الرسالة الشافية بإذن الله إلى إخواننا المسلمين في العراق وارض الكنانة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى