أحمد الجلبي ... مصرفي وسياسي ومتوسل وجاسوس لعبته أصبحت مستقبل العراق
صفحة 1 من اصل 1
أحمد الجلبي ... مصرفي وسياسي ومتوسل وجاسوس لعبته أصبحت مستقبل العراق
أحمد الجلبي ... مصرفي وسياسي ومتوسل وجاسوس لعبته أصبحت مستقبل العراق
شبكة البصرة
كرستوفر ديكي ومارك هوزنبال
أحمد الجلبي... مصرفي وسياسي ومتوسل وجاسوس لعبته أصبحت مستقبل العراق
صديقه الحميم ريتشارد بيرل : كل من يعرفه جيداً يحترمه ومن لا يعرفه يتحدث عنه بالسوء
في نادي الصيد في بغداد، يتحدث أحمد الجلبي عن المستقبل المشرق لبلده وعن التاريخ المخزي لأعدائه (أعداء الجلبي) هذا التاجر والمحارب العراقي، الذي عاد حديثاً إلى بلده بعد 45 عاماً في المنفى، يقول إنه استولى على 25 طناً من وثائق شرطة صدام حسين السرية، ويدرس ماهية أفضل الطرق لاستخدام تلك الوثائق. ويقول إنه وإخوته كانوا ضحايا لكثير من المؤامرات التي حاكها صدام حسين وآخرون فحسب قول الجلبي: إنه حتى أصحاب أو مسؤولو البنوك السويسرية وبرزان التكريتي (أخو صدام) تعاونوا على تدمير امبراطورية أسرته البنكية في الخارج. ولكن يستطيع أحمد الجلبي الآن أن يقلب الأوضاع على كثير من أعدائه القدماء.
يقول الجلبي لـ"نيوزويك": "إنه شيء ضخم، بعض الملفات تثبت الجرم جداً". ويشير الجلبي إلى أن أكثر هذه الملفات إدانة يمكن أن يخبرنا كثيراً عن معاناته في الأردن، وهي البلد التي بنى فيها الجلبي في الثمانينات امبراطوريته البنكية ثم خسرها، قبل أن يُجبر على الهروب وقبل أن تتم إدانته غيابياً بالنصب والاختلاس.
أحمد الجلبي: صاحب بنك مصرفي، وسياسي، ومتوسل، وجاسوس
بعض المسؤولين الأمريكيين، خاصة قادة الصقور في البنتاجون، يعدونه ديمقراطياً حقيقياً ومثالاً للوطنية العراقية. أرستقراطي تخلى عن حياة الترف والراحة لكي يحارب ضد صدام في وقت لم يجرؤ على ذلك إلا القليل. أما نقاد الجلبي، بمن فيهم مسؤولون في "سي آي إيه" وفي وزارة الخارجية الأمريكية، يصفونه بأنه حليف فاسد لا يمكن الوثوق به. يظهر تحقيق لـ"نيوزويك" بأن مؤسسات الجلبي وعائلته المالية قد تم إغلاقها من قبل السلطات في سويسرا ولبنان والأردن بسبب ممارسات مشبوهة وبسبب تقديمها ديوناً غير مؤمنة. وكانت كلفة ذلك على المودعين والمستثمرين تقدر بعشرات الملايين من الدولارات. لا أحد يشك في أن الجلبي رجل جريء: كيف يمكن أن تصف رجلاً يستولي على قطعة عقار ممتازة بعد غيابه عن العراق ما يقرب من ربع قرن، يستولي عليها بمساعدة ميليشيا صغيرة من المسلحين الذين تدربوا في أمريكا، ثم يبدأ في التخطيط لإعادة صناعة بلده بالكامل وكذلك سياسة الشرق الأوسط.
صداقات من كل نوع على مر السنين تصادق الجلبي مع إسرائيليين وإيرانيين ومحامين في واشنطن ولوردات حرب أكراد وصحفيين وجواسيس وزعماء قبائل وموظفين في الكونجرس - مع أي كان لخدمة هدفه في إزاحة صدام حسين من السلطة.
يتذكر مسؤول إسرائيلي رد الجلبي عندما سئل لماذا أنشأ مكتباً في طهران: "لست غراً. أعرف ماذا يريد هؤلاء، ولكن ليس لدي خيار".
يقول المسؤول الإسرائيلي، حيث إن الجلبي الآن متمركز في نادي الصيد، فإنه "يفهم الديمقراطية ويمكن أن يكون همزة وصل بين العشائر المحلية والاتجاهات الدولية، ولكن لديه كثير من الأعداء..." ويقول صديق قديم آخر من أصدقاء الجلبي لـ"نيوزويك" وهو ريتشارد بيرل: "لا أعرف أحداً يعرفه جيداً ثم لا يحترمه، ولا أعرف أحداً لا يعرفه البتة إلا ويتحدث عنه بالسوء" وهذا يصدق على كثير من العراقيين في الداخل. لا أحد في العراق متأكد من ماهية أجندة الجلبي، أو من هم حلفاؤه الحقيقيون. ذكر ضابط استخباراتي أمريكي رفيع المستوى لـ"نيوزويك" أنه ذهل عندما بدأ يتحدث للعراقيين العاديين، حتى المناهضين لصدام، عن مصداقية الجلبي. يقول ذلك الضابط "إنه من المذهل ضعف الدعم الذي يتمتع به". وعندما قام جنرال أمريكي بسؤال ذلك الضابط عما يسمعه، قال له الضابط: "آسف أن (أضطر) لقول هذا سيدي، ولكنني أخشى من أننا نراهن على الحصان الخطأ" في الواقع أن هذا الرياضي المتعلم في معهد ماساتشيوستس للتقنية والبالغ من العمر 58 عاماً يجسد التناقضات الكاسرة التي تواجه الولايات المتحدة في الوقت الذي يحاول فيه جنودها الاستقرار في احتلال بلد منقسم في نظرته إلى مستقبله، وفي منطقة متعلقة بأحقاد الماضي.
أسئلة
من الذي سيقود العراق؟ ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه واشنطن في العملية؟ هل تريد عميلاً ثقة، أو حاكماً يتمتع بدعم شعبي في الشارع العراقي؟ هل يمكن أن يكون أحمد الجلبي في نهاية المطاف ذلك الرجل؟.
أكبر عبء يواجهه الجلبي هو المزاعم المتكررة والمستمرة في أنه نصاب.
تحقيق "نيوزويك" في أعمال عائلة يظهره رجلاً ليس بسيطاً يناور في عالم يوضع فيه المال في خدمة السياسة، والسياسة مهنة حياة أو موت. يتضح من وثائق سابقة لمحكمة سويسرية، كما يتضح من لقاءات مع مسؤولين معنيين في العاصمة الأردنية عمان، وفي بيروت وجنيف أن بنوك عائلة الجلبي كانت ستقع في الورطة الخطيرة نفسها بغض النظر عن مكايد صدام. ولكن قرب الجلبي الشديد من المقربين في الحكومة الأردنية - وفي وقت تنامي اعتماد الأردن على الدكتاتور العراقي صدام حسين - زاد بالتأكيد من حدة تلك المخاطر.
الصعود
تبدأ القصة بوالد أحمد الجلبي وبجده، اللذين كانا سياسيين بارزين بالإضافة لكونهما رجلي أعمال عندما كانت الأسرة الهاشمية (التي نصبها البريطانيون) تحكم العراق من عام 1921 حتى عام 1958. بعد أن اضطروا للذهاب للمنفى، قام آل جلبي بتأسيس أعمال بنكية في الخارج حيث أقاموا مؤسسات مالية في جنيف وبيروت وعمان. في عام 1977 أنشأ أحمد بنك بترا في الأردن، والذي نما خلال السنتين التاليتين ليصبح ثاني أكبر بنك من بين الـ 17 بنكاً في الأردن. وقد أدخل بنك بترا تحديثات محلية مثل مكائن الصرف الآلي وبطاقات فيزا الائتمانية.
... والانهيار
ولكن بحلول أواخر الثمانينيات، حسب ما ذكر سعيد النابلسي المدير السابق للبنك المركز الأردني، كان الأردن يواجه أزمة مالية. كان معظم دخل البلد يأتي في شكل تبرعات من دول الخليج الغنية. وبينما نضبت تلك التبرعات، استمر الإنفاق، خاصة على صفقات الأسلحة التي كان يحصل المسؤولون الحكوميون منها على عمولات مربحة. بحلول عام 1988، استنفد احتياطي البنك المركزي من العملة الأجنبية، حسب قول النابلسي، واضطر الدينار الأردني إلى تقليص قيمته بنسبة 50%. وكانت نتيجة ذلك أن الأردن أصبح أكثر اعتماداً على ممول عربي واحد، ألا وهو صدام حسين.
في نفس الوقت، خضع بنك أسرة آل الجلبي في سويسرا "ميبكو - جنيفا"، إلى المراقبة (التدقيق من قبل المراقبين السويسريين. في أبريل عام 1989) ألغى السويسريون رخصة ذلك البنك. يقول الجلبي إن "نتيجة ذلك العمل في سويسرا قادت إلى حملة على مؤسسات مالية أخرى في المجموعة (ميبكو بيروت والبترا)". ويدعي أن الموقف "استقر" في منتصف شهر مايو. ولكن بعد أن زاد المحققون السويسريون والبنك المركزي الأردني وكذلك اللبنانيون من تدقيقهم، بدأت تظهر ديون مشبوهة من مؤسسة يمتلكها الجلبي إلى مؤسسة أخرى.
اعتقد الجلبي في البداية أنه يستطيع النجاة من هذا الموقف. فقد كان في الأردن أكثر من مجرد صاحب بنك، حيث وصل به الأمر إلى أنه أصبح الممول للكثير من المسؤولين في البلد.
العلاقة بالأمير حسن
كانت علاقات الجلبي حميمة خاصة بأخ الملك، الحسن بن طلال، الذي كان وقتها ولياً للعهد: "الأمير حسن اقترض مالاً من (بنك) بترا باسمه كان إجمالي ما أقرضه بنك بترا للأمير حسن، حسب قول الجلبي، "حوالي 20 مليون دولار"، من المفارقات أنه بعد أن صادرت الحكومة الأردنية بنك بترا، تم دفع ذلك الدين للبنك "من أموال صدام" حسب قول الجلبي. بحلول أوائل الثمانينيات طلب صدام حسين على الأقل في أكثر من مناسبة أن يسلم مناهض له للسلطات العراقية دون محاكمة أو دون المرور على المحكمة. وكان ذلك المناهض هو هادي السبيتي الذي تم تسليمه لقوات أمن صدام التي أعدمته عام 1981. وحيث إن الجلبي نفسه كان نشطاً في الجهود الرامية لمنع المعونات الاقتصادية وغيرها من الوصول إلى النظام العراقي، فإنه من المعقول أن يقلق مما حدث. ثم تم إقفال بنك بترا في 2 أغسطس عام 1989. يقول الجلبي إن مسؤولاً استخباراتياً رفيع المستوى وكذلك الأمير حسن حذراه من أن عليه أن يغادر البلد. وغادر الجلبي بسيارته إلى سوريا بعد ذلك بخمسة أيام. ومع هذا، فإن هذه المكايد السياسية لا تشرح أو توضح بالكامل الخدع المالية التي اكتشفها المحققون السويسريون وغيرهم في مؤسسات الجلبي المختلفة. بعد أن خسر رخصته في سويسرا، اضطر بنك الجلبي في سويسرا أن يعلن إفلاسه. وبعد ذلك أعلنت شركة لأسرة الجلبي مرتبطة بالبنك وتدعى "سكوفي" إفلاسها. وقد رفع دائنو تلك الشركة دعوى بـ 160 مليون دولار. ولكن حسب تقرير إفلاس سويسري سري حصلت عليه "نيوز ويك" كان هناك ثغرة كبيرة في ورقة ميزان الشركة: حوالي 100 مليون دولار قيمة ديون إلى أعضاء من أسرة الجلبي وشركائهم. ويشمل ذلك مليوني دولار لشركة برامج سويسرية يديرها أحمد الجلبي. (يقول الجلبي إن شركته لم تدفع ذلك الدين. لأن بنك العائلة كان مديناً لها بأموال). في سبتمبر 2000 اعترف اثنان من إخوان أحمد الجلبي بأنهما انتهكا القانون العقابي السويسري فيما يتعلق بشركة سكوفي.
تحت الضغط المتزايد، انهارت شركات الجلبي المالية واحدة تلو الأخرى. انهارت سكوفي جينيفا في أوائل التسعينيات. ثم ميبكو بيروت، الذي مول ميليشيات حركة أمل الشيعية أثناء الثمانينيات عندما كانت تشن حرباً على الفصائل الفلسطينية. اثنان من أفراد أسرة الجلبي وجهت لهما تهم بالاختلاس وتمت إدانتهما غيابياً. عندما ذهبت "نيوزويك" إلى المحكمة في بيروت في الأسبوع الماضي للنظر في السجلات، كان الملف الرئيسي رقم 37837 فارغاً وكانت ذاكرة الكمبيوتر الذي من المفترض أن يظهر الوثائق فارغة أيضاً.
وقد اختفى آل جلبي الذين كانوا يديرون البنك في بيروت تماماً من لبنان، مثلما غادر أولئك الذين كانوا في سويسرا بعد انهيار البنك هناك. طبقاً لتقرير المحكمة السويسرية، حتى صناديق الخزانة التي كانت تمتلكها سكوفي كانت فارغة. كما أن مخزناً يفترض أنه يحتوي على سجادات شرقية ثمينة كان فارغاً.
الخاسر الكبير هنا هو الأردن. عندما استولت الحكومة الأردنية على بنك بترا، وكان عليها أن تتحمل ديونه التي وصلت، طبقاً للنابلسي، إلى 500 مليون دولار أي ما يعادل 10% من إجمالي الناتج المحلي الأردني. وقد حوكم الجلبي غيابياً في محكمة عسكرية وحكم عليه بالسجن 22 عاماً.
يقول المسؤولون الأردنيون إن أحمد الجلبي يمكن أن يحاكم من جديد ويدافع عن نفسه في المحكمة إذا عاد. ولكن يبدو أنه لن يفعل ذلك. فأعمال البنوك لم تعد لعبته، فعمله الآن هو مستقبل العراق
الوطن السعودية : 2003-05-06
شبكة البصرة
كرستوفر ديكي ومارك هوزنبال
أحمد الجلبي... مصرفي وسياسي ومتوسل وجاسوس لعبته أصبحت مستقبل العراق
صديقه الحميم ريتشارد بيرل : كل من يعرفه جيداً يحترمه ومن لا يعرفه يتحدث عنه بالسوء
في نادي الصيد في بغداد، يتحدث أحمد الجلبي عن المستقبل المشرق لبلده وعن التاريخ المخزي لأعدائه (أعداء الجلبي) هذا التاجر والمحارب العراقي، الذي عاد حديثاً إلى بلده بعد 45 عاماً في المنفى، يقول إنه استولى على 25 طناً من وثائق شرطة صدام حسين السرية، ويدرس ماهية أفضل الطرق لاستخدام تلك الوثائق. ويقول إنه وإخوته كانوا ضحايا لكثير من المؤامرات التي حاكها صدام حسين وآخرون فحسب قول الجلبي: إنه حتى أصحاب أو مسؤولو البنوك السويسرية وبرزان التكريتي (أخو صدام) تعاونوا على تدمير امبراطورية أسرته البنكية في الخارج. ولكن يستطيع أحمد الجلبي الآن أن يقلب الأوضاع على كثير من أعدائه القدماء.
يقول الجلبي لـ"نيوزويك": "إنه شيء ضخم، بعض الملفات تثبت الجرم جداً". ويشير الجلبي إلى أن أكثر هذه الملفات إدانة يمكن أن يخبرنا كثيراً عن معاناته في الأردن، وهي البلد التي بنى فيها الجلبي في الثمانينات امبراطوريته البنكية ثم خسرها، قبل أن يُجبر على الهروب وقبل أن تتم إدانته غيابياً بالنصب والاختلاس.
أحمد الجلبي: صاحب بنك مصرفي، وسياسي، ومتوسل، وجاسوس
بعض المسؤولين الأمريكيين، خاصة قادة الصقور في البنتاجون، يعدونه ديمقراطياً حقيقياً ومثالاً للوطنية العراقية. أرستقراطي تخلى عن حياة الترف والراحة لكي يحارب ضد صدام في وقت لم يجرؤ على ذلك إلا القليل. أما نقاد الجلبي، بمن فيهم مسؤولون في "سي آي إيه" وفي وزارة الخارجية الأمريكية، يصفونه بأنه حليف فاسد لا يمكن الوثوق به. يظهر تحقيق لـ"نيوزويك" بأن مؤسسات الجلبي وعائلته المالية قد تم إغلاقها من قبل السلطات في سويسرا ولبنان والأردن بسبب ممارسات مشبوهة وبسبب تقديمها ديوناً غير مؤمنة. وكانت كلفة ذلك على المودعين والمستثمرين تقدر بعشرات الملايين من الدولارات. لا أحد يشك في أن الجلبي رجل جريء: كيف يمكن أن تصف رجلاً يستولي على قطعة عقار ممتازة بعد غيابه عن العراق ما يقرب من ربع قرن، يستولي عليها بمساعدة ميليشيا صغيرة من المسلحين الذين تدربوا في أمريكا، ثم يبدأ في التخطيط لإعادة صناعة بلده بالكامل وكذلك سياسة الشرق الأوسط.
صداقات من كل نوع على مر السنين تصادق الجلبي مع إسرائيليين وإيرانيين ومحامين في واشنطن ولوردات حرب أكراد وصحفيين وجواسيس وزعماء قبائل وموظفين في الكونجرس - مع أي كان لخدمة هدفه في إزاحة صدام حسين من السلطة.
يتذكر مسؤول إسرائيلي رد الجلبي عندما سئل لماذا أنشأ مكتباً في طهران: "لست غراً. أعرف ماذا يريد هؤلاء، ولكن ليس لدي خيار".
يقول المسؤول الإسرائيلي، حيث إن الجلبي الآن متمركز في نادي الصيد، فإنه "يفهم الديمقراطية ويمكن أن يكون همزة وصل بين العشائر المحلية والاتجاهات الدولية، ولكن لديه كثير من الأعداء..." ويقول صديق قديم آخر من أصدقاء الجلبي لـ"نيوزويك" وهو ريتشارد بيرل: "لا أعرف أحداً يعرفه جيداً ثم لا يحترمه، ولا أعرف أحداً لا يعرفه البتة إلا ويتحدث عنه بالسوء" وهذا يصدق على كثير من العراقيين في الداخل. لا أحد في العراق متأكد من ماهية أجندة الجلبي، أو من هم حلفاؤه الحقيقيون. ذكر ضابط استخباراتي أمريكي رفيع المستوى لـ"نيوزويك" أنه ذهل عندما بدأ يتحدث للعراقيين العاديين، حتى المناهضين لصدام، عن مصداقية الجلبي. يقول ذلك الضابط "إنه من المذهل ضعف الدعم الذي يتمتع به". وعندما قام جنرال أمريكي بسؤال ذلك الضابط عما يسمعه، قال له الضابط: "آسف أن (أضطر) لقول هذا سيدي، ولكنني أخشى من أننا نراهن على الحصان الخطأ" في الواقع أن هذا الرياضي المتعلم في معهد ماساتشيوستس للتقنية والبالغ من العمر 58 عاماً يجسد التناقضات الكاسرة التي تواجه الولايات المتحدة في الوقت الذي يحاول فيه جنودها الاستقرار في احتلال بلد منقسم في نظرته إلى مستقبله، وفي منطقة متعلقة بأحقاد الماضي.
أسئلة
من الذي سيقود العراق؟ ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه واشنطن في العملية؟ هل تريد عميلاً ثقة، أو حاكماً يتمتع بدعم شعبي في الشارع العراقي؟ هل يمكن أن يكون أحمد الجلبي في نهاية المطاف ذلك الرجل؟.
أكبر عبء يواجهه الجلبي هو المزاعم المتكررة والمستمرة في أنه نصاب.
تحقيق "نيوزويك" في أعمال عائلة يظهره رجلاً ليس بسيطاً يناور في عالم يوضع فيه المال في خدمة السياسة، والسياسة مهنة حياة أو موت. يتضح من وثائق سابقة لمحكمة سويسرية، كما يتضح من لقاءات مع مسؤولين معنيين في العاصمة الأردنية عمان، وفي بيروت وجنيف أن بنوك عائلة الجلبي كانت ستقع في الورطة الخطيرة نفسها بغض النظر عن مكايد صدام. ولكن قرب الجلبي الشديد من المقربين في الحكومة الأردنية - وفي وقت تنامي اعتماد الأردن على الدكتاتور العراقي صدام حسين - زاد بالتأكيد من حدة تلك المخاطر.
الصعود
تبدأ القصة بوالد أحمد الجلبي وبجده، اللذين كانا سياسيين بارزين بالإضافة لكونهما رجلي أعمال عندما كانت الأسرة الهاشمية (التي نصبها البريطانيون) تحكم العراق من عام 1921 حتى عام 1958. بعد أن اضطروا للذهاب للمنفى، قام آل جلبي بتأسيس أعمال بنكية في الخارج حيث أقاموا مؤسسات مالية في جنيف وبيروت وعمان. في عام 1977 أنشأ أحمد بنك بترا في الأردن، والذي نما خلال السنتين التاليتين ليصبح ثاني أكبر بنك من بين الـ 17 بنكاً في الأردن. وقد أدخل بنك بترا تحديثات محلية مثل مكائن الصرف الآلي وبطاقات فيزا الائتمانية.
... والانهيار
ولكن بحلول أواخر الثمانينيات، حسب ما ذكر سعيد النابلسي المدير السابق للبنك المركز الأردني، كان الأردن يواجه أزمة مالية. كان معظم دخل البلد يأتي في شكل تبرعات من دول الخليج الغنية. وبينما نضبت تلك التبرعات، استمر الإنفاق، خاصة على صفقات الأسلحة التي كان يحصل المسؤولون الحكوميون منها على عمولات مربحة. بحلول عام 1988، استنفد احتياطي البنك المركزي من العملة الأجنبية، حسب قول النابلسي، واضطر الدينار الأردني إلى تقليص قيمته بنسبة 50%. وكانت نتيجة ذلك أن الأردن أصبح أكثر اعتماداً على ممول عربي واحد، ألا وهو صدام حسين.
في نفس الوقت، خضع بنك أسرة آل الجلبي في سويسرا "ميبكو - جنيفا"، إلى المراقبة (التدقيق من قبل المراقبين السويسريين. في أبريل عام 1989) ألغى السويسريون رخصة ذلك البنك. يقول الجلبي إن "نتيجة ذلك العمل في سويسرا قادت إلى حملة على مؤسسات مالية أخرى في المجموعة (ميبكو بيروت والبترا)". ويدعي أن الموقف "استقر" في منتصف شهر مايو. ولكن بعد أن زاد المحققون السويسريون والبنك المركزي الأردني وكذلك اللبنانيون من تدقيقهم، بدأت تظهر ديون مشبوهة من مؤسسة يمتلكها الجلبي إلى مؤسسة أخرى.
اعتقد الجلبي في البداية أنه يستطيع النجاة من هذا الموقف. فقد كان في الأردن أكثر من مجرد صاحب بنك، حيث وصل به الأمر إلى أنه أصبح الممول للكثير من المسؤولين في البلد.
العلاقة بالأمير حسن
كانت علاقات الجلبي حميمة خاصة بأخ الملك، الحسن بن طلال، الذي كان وقتها ولياً للعهد: "الأمير حسن اقترض مالاً من (بنك) بترا باسمه كان إجمالي ما أقرضه بنك بترا للأمير حسن، حسب قول الجلبي، "حوالي 20 مليون دولار"، من المفارقات أنه بعد أن صادرت الحكومة الأردنية بنك بترا، تم دفع ذلك الدين للبنك "من أموال صدام" حسب قول الجلبي. بحلول أوائل الثمانينيات طلب صدام حسين على الأقل في أكثر من مناسبة أن يسلم مناهض له للسلطات العراقية دون محاكمة أو دون المرور على المحكمة. وكان ذلك المناهض هو هادي السبيتي الذي تم تسليمه لقوات أمن صدام التي أعدمته عام 1981. وحيث إن الجلبي نفسه كان نشطاً في الجهود الرامية لمنع المعونات الاقتصادية وغيرها من الوصول إلى النظام العراقي، فإنه من المعقول أن يقلق مما حدث. ثم تم إقفال بنك بترا في 2 أغسطس عام 1989. يقول الجلبي إن مسؤولاً استخباراتياً رفيع المستوى وكذلك الأمير حسن حذراه من أن عليه أن يغادر البلد. وغادر الجلبي بسيارته إلى سوريا بعد ذلك بخمسة أيام. ومع هذا، فإن هذه المكايد السياسية لا تشرح أو توضح بالكامل الخدع المالية التي اكتشفها المحققون السويسريون وغيرهم في مؤسسات الجلبي المختلفة. بعد أن خسر رخصته في سويسرا، اضطر بنك الجلبي في سويسرا أن يعلن إفلاسه. وبعد ذلك أعلنت شركة لأسرة الجلبي مرتبطة بالبنك وتدعى "سكوفي" إفلاسها. وقد رفع دائنو تلك الشركة دعوى بـ 160 مليون دولار. ولكن حسب تقرير إفلاس سويسري سري حصلت عليه "نيوز ويك" كان هناك ثغرة كبيرة في ورقة ميزان الشركة: حوالي 100 مليون دولار قيمة ديون إلى أعضاء من أسرة الجلبي وشركائهم. ويشمل ذلك مليوني دولار لشركة برامج سويسرية يديرها أحمد الجلبي. (يقول الجلبي إن شركته لم تدفع ذلك الدين. لأن بنك العائلة كان مديناً لها بأموال). في سبتمبر 2000 اعترف اثنان من إخوان أحمد الجلبي بأنهما انتهكا القانون العقابي السويسري فيما يتعلق بشركة سكوفي.
تحت الضغط المتزايد، انهارت شركات الجلبي المالية واحدة تلو الأخرى. انهارت سكوفي جينيفا في أوائل التسعينيات. ثم ميبكو بيروت، الذي مول ميليشيات حركة أمل الشيعية أثناء الثمانينيات عندما كانت تشن حرباً على الفصائل الفلسطينية. اثنان من أفراد أسرة الجلبي وجهت لهما تهم بالاختلاس وتمت إدانتهما غيابياً. عندما ذهبت "نيوزويك" إلى المحكمة في بيروت في الأسبوع الماضي للنظر في السجلات، كان الملف الرئيسي رقم 37837 فارغاً وكانت ذاكرة الكمبيوتر الذي من المفترض أن يظهر الوثائق فارغة أيضاً.
وقد اختفى آل جلبي الذين كانوا يديرون البنك في بيروت تماماً من لبنان، مثلما غادر أولئك الذين كانوا في سويسرا بعد انهيار البنك هناك. طبقاً لتقرير المحكمة السويسرية، حتى صناديق الخزانة التي كانت تمتلكها سكوفي كانت فارغة. كما أن مخزناً يفترض أنه يحتوي على سجادات شرقية ثمينة كان فارغاً.
الخاسر الكبير هنا هو الأردن. عندما استولت الحكومة الأردنية على بنك بترا، وكان عليها أن تتحمل ديونه التي وصلت، طبقاً للنابلسي، إلى 500 مليون دولار أي ما يعادل 10% من إجمالي الناتج المحلي الأردني. وقد حوكم الجلبي غيابياً في محكمة عسكرية وحكم عليه بالسجن 22 عاماً.
يقول المسؤولون الأردنيون إن أحمد الجلبي يمكن أن يحاكم من جديد ويدافع عن نفسه في المحكمة إذا عاد. ولكن يبدو أنه لن يفعل ذلك. فأعمال البنوك لم تعد لعبته، فعمله الآن هو مستقبل العراق
الوطن السعودية : 2003-05-06
مواضيع مماثلة
» لماذا يُصرُّ أحمد الكبيسي على استفزازنا؟
» مأساة أهل السنة في العراق
» ما احوجنا لتصحيح نياتنا يا سنة العراق
» إهداء لإخواننا أهل السنة في العراق
» وجوب نصرة أهل السنة في العراق (حقائق خطيرة)
» مأساة أهل السنة في العراق
» ما احوجنا لتصحيح نياتنا يا سنة العراق
» إهداء لإخواننا أهل السنة في العراق
» وجوب نصرة أهل السنة في العراق (حقائق خطيرة)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى